بسم الله الرحمن الرحيم
لما لمسته من جهل الكثيرين بأحكام الزكاة أحببت نقل هذا الموضوع الذي هو
في الأصل من كتاب "تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام" للشيخ
/ عبد العزيز بن باز رحمه الله
1- ما حكم تارك الزكاة ؟ و هل هناك فرق بين من تركها جحودا أو بخلا أو تهاونا ؟
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و أصحابه و بعد :
ففي حكم تارك الزكاة تفصيل ..فإن كان تركها جحدا لوجوبها مع توافر شروط وجوبها عليه كفر بذلك إجماعا و لو زكى مادام جاحدا لوجوبها .
أما إن تركها بخلا أو تكاسلا فإنه يعتبر بذلك فاسقا قد ارتكب كبيرة عظيمة
من كبائر الذنوب و هو تحت مشيئة الله إن مات على ذلك لقوله تعالى سبحانه :
بسورة النساء " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ
افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) "
و قد دل القرآن الكريم و السنة الطاهرة المتواترة على أن تارك الزكاة يعذب
يوم القيامة بأمواله التي ترك زكاتها ثم يرى سبيله إما إلى الجنة و إما
إلى النار و هذا الوعيد في الحق من ليس جاحدا لوجوبها قال الله سبحانه في
سورة التوبة :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ
وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ
فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا
كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) "
و دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما دل عليه
القرآن الكريم في الحق من لم يزك الذهب و الفضة كما دلت على تعذيب من لم
يزك ما عنده من بهيمة الأنعام الإبل و البقر و الغنم و أنه يعذب بها نفسها
يوم القيامة .
و حكم من ترك زكاة العملة الورقية و عروض التجارة حكم من ترك زكاة الذهب و الفضة لأنها حلت محلها و قامت مقامها .
أما الجاحدون لوجوب الزكاة فإن حكمهم حكم الكفرة و يحشرون معهم إلى النار
و عذابهم فيها مستمر أبد الآباد كسائر الكفرة لقول الله عز و جل في حقهم و
أمثالهم في سورة البقرة :
" وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ
مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ
أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ
النَّارِ (167) "
و بسورة المائدة :
" يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37) "
و الأدلة في ذلك كثيرة من الكتاب و السنة .
رجل عنده عدد من أنواع المواشي لكن لا يبلغ كل نوع منها نصابا بمفرده فهل فيها زكاة ؟ و إن كان كذلك فكيف يخرجها ؟
المواشي و الإبل و البقر و الغنم لها نصب معلومة لا تجب فيها الزكاة حتى
تبلغها مع توافر الشروط التي من جملتها أن تكون الإبل و البقر و الغنم
سائمة و هي الراعية جميع الحول أو أكثره فإذا كان نصاب الإبل أو البقر أو
الغنم لم يكمل فلا زكاة فيها ولا يضم بعضها إلى بعض فلو كان عند إنسان
ثلاث من الإبل للقنية و عشرون من الغنم للقنية و عشرون من البقر للقنية لم
يضم بعضها إلى بعض لآن كل جنس منها لم يبلغ النصاب .
أما إذا كانت التجارة فإنه يضم بعضها إلى بعض لأنها و الحال ما ذكر تعتبر
من عروض التجارة و تزكى زكاة النقدين كما نص على ذلك أهل العلم و الأدلة
في ذلك واضحة لمن تأملها .
هل يجوز للرجلين أو الثلاثة أن يجمعوا مواشيهم من أجل الزكاة ؟
لا يجوز جمع الأموال الزكوية أو تفريقها من أجل الفرار من الزكاة أو من أجل نقص الواجب فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
الجزء الأول >> 30 - كتاب الزكاة >> 33 - باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع.
1382 - حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي قال: حدثني ثمامة: أن أنسا رضي الله عنه حدثه:
أن أبا بكر رضي الله عنه: كتب له التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة).
[ر:1380][ش (لا يجمع بين متفرق) من الحيوانات التي تجب فيها الصدقة، كأن
يكون ثلاثة، لكل واحد منهم أربعون شاة، فيجب على كل واحد شاة، فإذا جمعوها
وجب على الجميع شاة واحدة. (لا يفرق بين مجتمع) كأن يكون لشريكين أربعون
شاة، فتجب فيها شاة واحدة، فإذا أخذ كل شريك حصته عشرين، لم يجب عليها
شيء. (خشية الصدقة) أن تقل أو تكثر، لأن العامل أيضا ربما فعل ذلك أحيانا
حتى تكثر الزكاة على المكلفين، فليس له ذلك].
فلو كان عند رجل أربعون من الغنم ففرقها حتى لا تجب فيها الزكاة لم تسقط
عنه الزكاة و يكون بذلك آثما لكونه متحيلا في ذلك على إسقاط ما أوجب الله .
و هكذا جمع المتفرق خشية الصدقة لا يجوز فلو كان لرجل غنم أو إبل أو بقر
تبلغ النصاب فضمها إلى إبل أو بقر أو غنم رجل آخر حتى ينقص الواجب عنهما
بسبب الخلطة التي لا أساس لها و إنما اختلط لقصد نقص الواجب عند مجيئ عامل
الزكاة لم يسقط عنهما الواجب و كانا بذلك آثمين و عليهما إخراج بقية
الواجب .
فلو كان لأحدهما أربعون من الغنم و للآخر ستون من الغنم فاختلطا عند مجيئ
العامل حتى لا تجب عليهما إلا شاه واحدة لم ينفعهما هذا الاختلاط و لم
يسقط عنهما بقية الواجب لكونه حيلة محرمة . و عليهما شاه أخرى تدفع
للفقراء خمسا قيمتها على صاحب الأربعين و ثلاثة أخماسها على صاحب الستين و
هكذا الشاة التي سلما للعامل بينهما على هذه النسبة و عليهما التوبة إلى
الله سبحانه و عدم العودة إلى مثل هذه الحيلة .
أما إذا كانت الخلطة للتعاون بينهما و ليست حيلة على إسقاط الواجب أو نقصه
فلا بأس بها إذا توافرت شروطها الموضحة في كتب أهل العلم لقول النبي صلى
الله عليه وسلم :
صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
الجزء الأول >> 30 - كتاب الزكاة >> 34 - باب: ما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.
34 - باب: ما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.
وقال طاوس وعطاء: إذا علم الخليطان أموالهما، فلا يجمع مالهما. وقال سفيان: لا يجب حتى يتم لهذا أربعون شاة، ولهذا أربعون شاة.
[ش (إذا علم..) أي إذا كان مال كل من الشريكين مميزا ومعلوما له، فيحاسب
كل منهما منفردا. (لا يجب..) أي لا زكاة على الشريكين ما لم يكن لكل منهما
نصاب، وعندها يجب على كل منهما ما يجب عليه لو كان منفردا].
رجل عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها فهل فيها زكاة ؟
إذا كانت الماشية من الإبل أو البقر أو الغنم ليست سائمة جميع الحول أو
أكثره فإنها لا تجب فيها الزكاة لأن النبي صلي الله عليه وسلم شرط في وجوب
الزكاة فيها أن تكون سائمة فإذا أعلفها صاحبها غالب الحول أو نصف الحول
فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة فإنها تجب فيها زكاة التجارة و تكون
بذلك من عروض التجارة كالأراضي المعدة للبيع و السيارات و نحوها إذا بلغت
قيمة الموجود منها نصاب الذهب أو الفضة كما تقدم .